أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَىالْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ [الغاشية : 17]
عطية مرجان أبوزر
عطية مرجان أبوزر
الابل سفن الصحراء
|
*
تميزت البيئات الصحراوية بما عُرف بسفن الصحراء كناية عن كثرت مسميات
الابل ، وكثرة الأسمـاء عنــد أهـل الأصـول تـدل على عظمة المسمى كمـا
يقـولـون لهذا
نؤكد أن الإبل كانت ذات قيمة مميزة دوما عند أهل الصحراء لما تتمتع به من
مواصفات وخصائص ضرب الله تعالى في خلقها الأمثال ودعا الناظرين للتفكر
والتدبر والاعتبار بالنظر الى كيفية خلقها .
الناقة
|
ماهية الابل:-
العير هي القوافل المحملة على الابل
|
الإبل وردت في القرآن المجيد بأسماء عدة منها :
1- الإبل: مؤنثة
في جمع أسمها لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها (من غير الناس)
لازم تأنيثها - كما يقول أهل اللغة -و جمع - إبل - هو "آبال" .
وقد ورد لفظ الإبل في القرآن الكريم في عدة مواضع، وبألفاظ مختلفة ، هي : لفظ الإبل الذي ورد في موضعين هما قوله تعالى : [وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ](الأنعام: 144)، وقوله تعالى: [أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ] (الغاشية: 17).
حيوان البدن - ذكر الوعل يطلق عليه البدن |
3 - العِير: وقد ورد لفظ العير في القرآن ثلاث مرات في سورة يوسف فقط الاية 70 "أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ " و الاية82 "وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا "والاية 94 " وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ" والعير: هم القوم معهم دوابهم من العيرَِ. إذاً العير هيالإبل التي تحمل الطعام وغيره.
![]() |
الجمل |
فأما معنى (سَمِّ ) :فهو ثقب الإبرة, وكل ثقب لطيف في البدنكالأنف أو غير ذلك يسمى سَمّا وجمعه سموم. وجمع السم القاتل سِمام. وأما الخِياط:هي إبرة الخياطة .والجمع من الجمل:هو :- جمال وأجمال وجمالات وجمائل.وإنما يسمى جملاً إذا بلغ أربع سنوات.وقد ورد لفظ الجمل مجموعا في الاية 33 من سورة المرسلات "كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ"
![]() |
فشاربون شرب الهيم |
7- البعير : اسم
يشمل الجمل والناقة ذكرا ومؤنث كقولك "الإنسان " للرجل والمرأة , وإنما
يسمى بعيراً إذا أجذع , والجمع أبعِرة , وأباعر , وبُعران .ورد لفظ البعير
في سورة يوسف الاية 72 "حِمْلُ بَعِيرٍ " و الاية 65 " وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ."
8 - الأنعام : وهي : الإبل , والبقر , والغنم .وأكثر ما يقع على هذا اسم الإبل . والأنعام يُذكر ويُؤنث قال الله تعالى يذكر الأنعام: [ مِمَّا فِي بُطُونِهِ ] [النحل : 66] وقال في ذات السورة: [ مِمَّا فِي بُطُونِهَا ].[النحل : 69- وقد جاء القرآن المجيد على ذكر اسم الانعام 22 مرة هي : [آل
عمران : 14][النساء : 119][المائدة : 1][الأنعام : 136][الأنعام :
139][الأنعام : 142][الأعراف : 179][يونس : 24][النحل : 5][النحل :
66][النحل : 80][الحج : 28][الحج : 30][الحج : 34][المؤمنون : 21][الفرقان :
44][فاطر : 28][الزمر : 6][غافر : 79][الشورى : 11][الزخرف : 12][محمد :
12]
![]() |
البعير |
9 - البَحيرة : هي ابنة السائبة و قد الاية ذكرها القرآن في 103 من سورة المائدة :" مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ ....[المائدة : 103]
10- السائبة :هي: الناقة التي كانت تُسَيّب في الجاهلية لنذرٍ أو نحوه ." مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ....[المائدة : 103]
11 - الوصيلة:
روى البخاري عن سعيد بن المسيب قال: الناقة البكر تبكر في أول نتاج الإبل
بأنثى ثم تثني بعد بأنثى وكانوا يسيبونها لطواغيتهم إن وصلت إحداهما بأخرى
ليس بينها ذكر ." مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَوَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ...[المائدة : 103]
12 - الحام: فحل الإبل يضرب الضراب المعدودة فإذا قضى ضرابه ودعوه للطواغيت وأعفوه من أن يحمل عليه شيء وسموه الحامي ." مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ ... [المائدة : 103]
![]() |
الانعام |
13 - العِشَار: هي الناقة التي أتى عليها من وقت الحمل عشرةُ أشهر . قال تعالى: [وَإِذَا العِشَارُ عُطِّلَتْ ] ( التَّكوير:4 )
لماذا الإبل من بين سائر الحيوانات ما الاعجاز في ذلك ؟
أثبت البحث العلمي التشريحي أن للجمل له قدرة أن يعيد امتصاص الماء من الأمعاء والكلى إلى الجسم مرة أخرى ليستفيد منها .
والجمل هو الحيوان الوحيد الذي:
- ـ يعيش حوالي أسبوعين كاملين بلا ماء ولا طعام في بيئة درجة حرارتها 50 درجة مئوية .
- ـ يفقد حوالي 25 % ( ربع وزنه ) من وزنه من السوائل من جسمه إذا حرم من الماء دون أن ينفق .
- بينما باقي الحيوانات تموت عند فقد 12% من وزنها من السوائل .
- وصدق حبيبنا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم في حديثه : "مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا "
معجزة إنتاج الماء من الدهون:
زود الله سبحانه وتعالى هذا الحيوان بسنام حيث
تتجمع كمية من الدهن فوق سطح الجسم تصل أحياناً من 100- 120 كيلو غرام
من الدهن حيث يتحول الدهن في السنام لإنتاج ماء وطاقة , فإذا جاع الحيوان
يتحول الدهن لإنتاج طاقة في الجسم. أما إذا عطش فيحول هذا الدهن إلى ماء .
ومن
المعروف بين الأطباء أن الإنسان إذا صام أكثر من يوم يبدأ يتحلل الدهن في
جسمه فتحدث حموضة في الدم ثم يدخل الإنسان في غيبوبة إذا طالت فترة
الامتناع عن الطعام . أما
هذا الحيوان إذا حول الدهن كله إلى ماء أو إلى طاقة فلا تحدث عنده هذه
المشكلة أبداً . وأما الحيوانات الأخرى فتمرض بمرض يدعى الكيتوزيس نتيجة
تحلل الدهون بكثرة .(2)
تبريد المخ :
درس
العلماء وجه هذا الحيوان فوجدوا فيه: جيوب أنفية ( ممرات داخل عظام الوجه)
وظلوا يبحثوا عن فائدتها ولماذا تختلف عن باقي الحيوانات .. فوجدوا
أن الهواء الساخن يدخل من الأنف ويتم تبريده بمكيف هواء فيُبِّرد الأوعية
الدموية وبالتالي يُبِّرد الأوعية الدموية التي تغذي المخ من أجل أن
تحميه من ضربة الشمس فيدخل الدم الشرياني إلى المخ بارداً فلا يتأثر من
الهواء الساخن .
عنق الجمل :
الجمل زوده الله برقبة طويلة تمكنه منتناول طعامه من نبات الأرض، كما أنهيستطيع قضم أوراق الأشجار المرتفعة عندما يصادفها . فرقبة
الجمل تعمل طبقاً لقانون الرافعة : حيث نقطة الارتكاز عند التقاء العنق
بالساقين الأماميين فيبدأ الجمل بشد هذه الرقبة فيخفف الحمل عليه فيستطيع
أن يقوم بقدميه الخلفيتين وهو يحمل هذه الأثقال , وهو غير الحيوانات كلها
. والجمل هو الحيوان الوحيد الذي يحمل وهو في حالة الرقود. فيستطيع أن ينهض بالحمل الثقيل ويبرك به .
نـيـاق مشـهــورة:
ناقة نبى الله صالح عليه السلام الذي أرسله الله إلى ثمود , فهذه ناقة ذكرها قرآن يتلى عبر الأزمان .
وناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم " القصواء " .
الانقياد والطاعة :
قال الله سبحانه :
[أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ]{يس: 71 -72}سخرناها لهم حتى يقود الصبي الجمل العظيم ويضربه ويصرفه كيف شاء لا يخرج من طاعته.
إنزال الأنعام
جاء في الآية 25 من سورة الحديد: "... وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ... " ، وجاء في الآية 6 من سورة الزمر :" ... وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ... " .
جزم
العلماء بأنّ الحديد لم يتكون في الأرض ولا في المجموعة الشمسية، لأنه
يحتاج إلى طاقة هائلة لا تتوافر في المجموعة الشمسية ... ومن هنا نجدهم
يُقدّمون تفسيراً لوجود الحديد في الأرض يتمثل في انفجار بعض النجوم
المحتوية على عنصر الحديد وتناثر مكوناتها في الفضاء مما أدى إلى نزول
الحديد بكثافة على الأرض، وذلك في الوقت الذي كانت فيه الأرض هشة غير
متماسكة، وفي الوقت الذي لم يكن الغلاف الجوي قد تكوّن. مما أدى إلى اختراق
ذرات الحديد لطبقات الأرض المختلفة.
وبغض النظر عن صدق ذلك علمياً إلا أنّ هذا التفسير يجعلنا نفهم من غير حيرة ولا ارتباك قوله تعالى:" وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ "، فلا داعي للتأويل، ولا داعي لصرف الألفاظ عن ظاهرها وحقيقتها اللغوية.
وما
يقال في الحديد يُقال في الأنعام، إلا أنّ نزول الأنعام وتميُّزها على
باقي الحيوانات والدواب يدفعنا إلى التنبّه إلى ضرورة إجراء دراسات مستفيضة
تتعلق بالأنعام، لأنّ الآيات الكريمة وضعت أيدينا على بداية الخيط الذي
يمكن أن يقودنا إلى اكتشاف بعض أسرار الخلق.
جاء في الآية 6 من سورة الزمر:" ... خَلَقَكُمْ
مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ
مِنَ الأنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ
أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ... ".
" ... وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ... ": من
الضأن اثنين، ومن المعز اثنين، ومن الإبل اثنين، ومن البقر اثنين. واللافت
أنّ الكلام عن نزول الأنعام جاء بعد الكلام عن خلق آدم وحواء وقبل الكلام
عن قانون الزوجية، وقد يشير ذلك إلى أنّ نزول الأنعام كان قبل نزول
الإنسان وتمهيداً لنزوله، وذلك لأهمية الأنعام التي ذللها الخالق الحكيم: " أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ (73)" يس: 71 -73 واللافت هنا قوله تعالى: " ... مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا ..." وكيف لا يكون الأمر لافتاً ومثل هذا التعبير لم يرد في القرآن الكريم إلا في الآية 75 من سورة ص، وذلك في حق آدم، عليه السلام :" قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ " فمثل هذا التعبير يشير إلى خصوصية لهذا الخلق الكريم. أمّا خصوصية خلق الأنعام فقد ترجع إلى أهميتها للإنسان المستخلف في الأرض.
جاء في الآية 132 –133 من سورة الأنعام:" وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (132) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (133) ":
واللافت هنا تقديم الأنعام على البنين، وهذا يعزز ما ذهبنا إليه من إنزال
الأنعام قبل أن يحصل التزاوج والإنجاب لآدم وحواء على الأرض.
جاء في الآية 28 من سورة فاطر:" وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ" فاللافت
هنا تمييز الأنعام عن باقي الدواب، وقد يعزز هذا ما ذهبنا إليه من الخلق
الخاص للأنعام. والمتدبر للقرآن الكريم يلاحظ أهمية الأنعام للإنسان، وهذه
الأهمية تزداد إلى درجة أنك اليوم لا تكاد تحصي المنافع التي يُحصِّلها
الإنسان المعاصر من هذه الأنعام.
لا
شك أنّ تذليل الأنعام وتدجينها للإنسان من الأمور اللافتة في خلقها، فكأنّ
واقعها يقول: لقد خُلِقتُ لخدمة هذا الكائن المكرم، وجُعلت قريبة منه. بل
هي بحاجة إلى رعاية الإنسان وحمايته، فانظر إلى الخراف، مثلاً، هل تملك
لنفسها شيئاً أمام اعتداء الحيوانات المفترسة، على خلاف ما هو عليه الغزال
من سرعة وحذر.
إنها
دعوة مُوجّهة إلى أهل العلم , لعلنا نعيد تقييم نظرتنا إلى أصل هذه
الكائنات ووظيفتها وما يحمله خلقها من أسرار. ولا يفوتنا في النهاية أن
ننبه إلى أنّ السورة السادسة في ترتيب المصحف هي سورة الأنعام، وأنّ أطول
سورة من سور القرآن الكريم هي سورة البقرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق