
قال تعالى :" بَلْ أَحْيَاءٌ" وفي المعنى أن أنه لم يمت ولا لحظة قط , "بل" استدراك تصحيح لمعتقد ظن أن من قتل - في سبيل الله - مات كما يموت من سواه من القتلى, وكلمة "بل" تلغي ما قبلها تماما,
وهنا كان قول الله "بل" أي : لا موت ولا معنى لموت من قتل في سبيل الله , وهو بهذا يكون في لحظات برزخية , حي , وعليه يكون سهل جدا أن نفهم معنى الابتسامة لإنسان " حي" يرى ضحكة ربه وهو يلقاه, إذن نذكر تاليا أسباب ابتسامة الشهيد ونستدل على كل سبب بالبيان القرآني :
يبتسم لأنه لازال حيا رغم مقتله ونستدل بقوله تعالى :" وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ .."
. يبتسم لأنه إلى جوار ربه وقد فارق دار الشقاء إلى دار السلام عند ربه, ونستدل بالبيان:" عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون".
فرح يبتسم لنيلة الشهادة ذاتها فقد نال الفضل الذي طالما تمناه على ربه بدليل البيان الإلهي:" فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ "
مبتسم لعلمه أنه تجاوز فتنة القبر وعرض النار" أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ "
يرى مقعده من الجنة ويثق بوعد ربه: وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ"
علمه القاطع أن ذنبه قد غفر ونستدل "عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وسلم): «للشهيد سبع خصال من الله: أول قطرة من دمه مغفور له كل ذنب،.."
فرح مبتسم للبشارة التالية أي بالفضل التالي " يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ"
ويبتسم لان رأسه يكون على حجر زوجتيه في الجنة من الحور العين ونستدل بتكملة الحديث السابق عن الثانية: " والثانية يقع رأسه في حجر زوجتيه من الحور العين وتمسحان الغبار عن وجهه،"
ويبتسم للثالثة وهو يرى كسوته : والثالثة يكسى من كسوة الجنة،
يبتسم للرائحة التي يشتمها: والرابعة تبتدره خزنة الجنة بكل ريح طيبة أيهم يأخذه معه،
والخامسة أن يرى منزله،
والسادسة يقال لروحه: اسرح في الجنة حيث شئت،
والسابعة أن ينظر في وجه الله وإنها لراحة لكل نبي وشهيد».
لهذا كلة يبتسم الشهيد ( القتيل الحي) أو ليست كافية ؟! أو ليس من يتساءل عن السبب والكيفية جاهل وجب عليه - تدبر الاعجاز في كتاب الله وسنة نبيه؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو أكثر بيان من ذلك وشهدنا نحن في فلسطين على صدق ما قال عليه صلاة الله وسلامه فانظروا معنا أمثلة لا حصرا:
ومما قال " إن الشهداء تبقى أجسادهم بيننا غضة طرية لأن أرواحهم تتغذى من ثمار الجنة "وهذا ما يعلل رائحة المسك ونزفهم للدم ونمو اللحية وتعرقهم وبقاء ملابسهم كما هي مع أن بعض الشهداء قد مضى على استشهادهم سنين وعقود وحتى قرون، وهو يعلل عدم تحلل الخلايا وعدم اقتراب الميكروبات والحشرات والقوارض منها".
وبالفعل صدق رسول الله فقد رأينا وسمعنا :أن شهداء قد بقيت أجسادهم غضة طرية لمدة سنوات وعقود وحتى قرون بدون أن يتغير لون الجلد، وأن رائحة المسك كانت تخرج منهم ودمائهم تنزف من مكان إصابتهم ومنهم من طالت لحاهم ومنهم من بقيت أجسادهم في الأرض الفلاة لسنين.
وعن قصص صحابة رسول الله سمعنا رواية عن الشيخ محمود الصواف رحمه الله انه دُعي فيمن دُعي من كبار العلماء لإعادة دفن شهداء أحد في مقبرة شهداء أحد التي أصابها سيل فانكشفت الجثث: يقول من الجثث التي دفنت كان حمزة رضي الله عنه، فيقول ضخم الجثة مقطوع الأنف والأذنين بطنه مشقوق وقد وضع يده على بطنه فيقول فلما حركناه ورفعنا يده سال الدم).
قلت والله المستعان آن اللحظات الأخيرة التي تفصل المجاهد عن الشهادة هي لحظة من أجمل لحظات الإنسان والتي يحجم عنها الكثير خشية من هولها ( كما يعتقدون),والحقيقة غير ذلك تماما بدليل قول رسول الله:« ما يجد الشهيد من القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة » ثم قال صلى الله عليه وسلم" كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة" فتلك هي اللحظات التي يفارق فيها الإنسان حياته في دار الشهادة انها الحظة كمس القرصة ولا آلام فيها كما يتصور الناس, فتلك من رحمة الرحيم سبحانه, انها لحظة الانتقال إلى حياة الشهيد لجوار ربه بدليل قول الله تعالى" أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ" وهي الآية موضوع بحثنا القرآني الاعجازي بعون الله.
2. لأنه حي عند ربه بدليل الآية
3. لأن ملائكة الرحمة تشهد لحظة مقتله
4. لأن روحه تشهد الجنة قبل غيره .
- وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ
- وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ "ال عمران 169"
فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ
- يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ"
- فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا "النساء 74"
- وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [الأنفال : 74]
- إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة : 111]
" أنهم أحياء " صدق رب العزة وإنا لشاهدون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق