
عطية مرجان ابوزر
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه الأمين وبعد
كثر
الحديث والجدل في موضوع الخلافة مؤخرا وظهر عدد من مما اطلقوا على انفسهم
هذا اللقب , حتى كان من خلفاء العصر من استضلوا بالإسلام لينفذوا تعاليم
اليهودية والمسيحية كذلك التنظيم الغريب الذي ظهر حديثا باسم تنظيم الدولة
الاسمية - داعش- وخليفته البغدادي , هذا الخليفة الذي خالف الإسلام في كل
تعاليمه السمحة فالإسلام دين الرحمة والسلام والامن بدليل قوله تعالى في
رسالة القران والإسلام " يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [المائدة : 16]" أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ [الزمر
: 22] في الوقت الذي نشر فيه هذا الخليفة المدعي أسوأ صورة عن الإسلام
الوحشي الذي يحرق ويذبح الانسان بوحشية لا سابق لها في التاريخ وهي ممارسات
دعت لها التوراتية والإنجيلية المكتوبة بأحدي وحوش الزمان كمثل قولهم "واحرقوا جميع مدنهم بمساكنهم وجميع حصونهم بالنار." عد 31:10 " تجمع كل امتعتها الى وسط ساحتها وتحرق بالنار المدينة وكل امتعتها " تت 13:16 واحرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها." يش 6: 24 واحرق بيت الرب وبيت الملك وكل بيوت اورشليم وكل بيوت العظماء احرقها بالنار.2 مل 25:9 فضربا تضرب سكان تلك المدينة بحد السيف وتحرمها بكل ما فيها مع بهائمها بحد السيف .تت 13:15 هذا
هو دينهم الذي اتبعه الدجال البغدادي حرق ونيران وذبح وسيوف ... وينبحون
ليل نهار ان دين محمد اشتهر بالسيف وقد جاء هذا المأجور من اليهود ليعزز
هذا القول وهو يرتدي ستار الخلافة عليه وعلى من اتبعوه لعن الله
فالإسلام لم يدعو لقتل كافر ولامشرك لا حرقا و لاذبحا بدليل قول الله تعالى
" وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ [يونس : 99] "لاَ
إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ
يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ
بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة : 256]
معنى الخلافة :- هو
الائتمان من قبل الخليفة المُستخلف على أملاك الأمانة المُستخلف فيها , ة
بموجب شروط يتعاقد عليها صاحب الشيء مع الخليفة و لزمن محدد.
وللخلافة أركان سبعة أساس لا تصح دون أي منها متكاملة وهي :-
- الشيء المستخلف :وهذا أول شروط الخلافة ولا خلافة دون وجود هذا الشرط , وموضوع الخلافة في القرآن أصله هو ( ما علي الأرض من أرزاق) و ليست الأرض بذاتها أو كما جاء في القرآن " وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً... [البقرة : 30] وقوله " قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ [الأعراف : 129] فالاستخفاف فيها ولما فيها وليس لها: أو الُمراد الائتمان عليه
- مكان الاستخلاف :- الأرض عامة فأينما وجد الرزق كان الاستخلاف فيه
- إقرار المُستخلف وإرادته باستخلاف ما يملك كلا أو جزءا وهو الله تعالى مالك كل شيء ." لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ...[المائدة : 120]
- وجود الخليفة وقبوله:( أي وجود المخلوق الحي العاقل المُراد استخلافه في الشيء المتمتع بالشروط المطلوبة ) وهم المؤمنون من آدم وذريته " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ ... [النور : 55]
- قرار الاستخلاف :- قرار صاحب المُلك باستخلاف مُلكه لدى الخليفة الذي أختاره " وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً... [البقرة : 30]
- مدة الخلافة : منذ نزول آدم الخليفة الأول - إلى نهاية الأرض أو كما تعالى" إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ [الحجر : 38]
- عقد الخلافة وشروطها : كان من أهم شروط الخلافة التي أشترطها الله على الإنسان هو الأمانة , وهي التي لما عرضها على الإنسان قبلها " إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولا[الأحزاب : 72] وبهذا القبول مُنح الخلافة بتفصيل شروطها " وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ [القصص : 77]
سبب استخلاف الله للإنسان في الأرض :-
من المعلوم لدينا بخبر القرآن أن الله تعالى كان قد أستخلف في الأرض معاشر الجن قبل استخلافه لمعاشر الإنس , بدليل ما كان من تساؤل الملائكة عند إخبارهم بالأمر من ربهم " وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء...[البقرة : 30] وقولهم هذا ناتج عن علمهم بوجود الجن في الأرض مما أستخلفهم ربهم ففسدوا فيها وتقاتلوا فسفكوا دماء بعضهم بعضا , فكانت مشيئته تعالى أن يستبدلهم بمن قبل حمل الأمانة(الإنسان) دون خلقه كلهم , وكانت الأمانة هي ( الدين ) أي الاستسلام طوعا لله لتنفيذ فرائضه المؤدية إلى عبادته " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات : 56].ومن الأسباب الحفاظ على ما أصلح الله في الأرض وما مهد لعيش الإنسان "وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ...[الأعراف : 56]
فال تعالى" إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ [فاطر
: 24] "فلأنبياء مكلفون بالنذير والتبشير لا بإضافة حرف ولا حذف حرف من
الوحي أي لا خلافة في الدين بينما الخلافة فيما هو في الأرض ومن حقوق
الخليفة أن يضيف أو يحذف من ذلك الذي أسُتخلف فيه كأن يزرع ويخلع يبني
ويهدم وذلك ما لا يجوز في الدين لذلك فلا خلافة فيه .
في
الدين الحق تكون "الأمانة" هي شرط استخلاف الله للإنسان في أرضه, وهي -
العبادة - بفروضها ومناسكها ونواهيها ,بينما ترى الجماعات شرعية الابتداع
في الدين الرباني الحق بما يتناسب وهيمنة العقل الحزبي على الوحي والحكمة
النبوية, كما هو الحال عند المتصوفة والمعتزلة والباطنية والشيعة وغيرها -
وفي ذلك جرم عظيم عنوانه الافتراء - والانضمام إلى الجماعات التي تضع لها
القوانين الخاصة لإتباع مهديها أو مرشدها أو أميرها أو غيره من إلزام
للمسلمين بإتباع أشخاص يدعوهم بالأئمة يستلبوا الدين من نبيه فينقص ويزيد
منه ما يشاء بزندقة أو بجهل , بغرض يخدم مصالحه في الدنيا سعيا إلى سلطة أو
زعامة أو مال .... ولا يختلف هؤلاء شيئا عن مدعي الربوبية أو النبوة أو
المهدية فهم في الحال وفي الغاية سواء, فتجد لهؤلاء إتباعا يعزفون عن
القول: بقال الله وقال رسوله إلى قولهم قال الإمام وقال المرشد أو قال
المهدي وقال المؤسس , وتجد منهم من يؤول الآية القرآنية
تأويلا يُدهن به على العامة كأن يدعو إلى تجمع خطابي فيقول " يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم
لِمَا يُحْيِيكُمْ .." ثم يتابع : ندعوكم للخروج في موعد كذا إلى مكان كذا
لغرض حزبي, بمعنى أنهم منحوا ذاتهم صفة الربانيين فصارت دعوتهم كوكلاء عن
الله ورسوله .....
من المعلوم لدينا بخبر القرآن أن الله تعالى كان قد أستخلف في الأرض معاشر الجن قبل استخلافه لمعاشر الإنس , بدليل ما كان من تساؤل الملائكة عند إخبارهم بالأمر من ربهم " وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء...[البقرة : 30] وقولهم هذا ناتج عن علمهم بوجود الجن في الأرض مما أستخلفهم ربهم ففسدوا فيها وتقاتلوا فسفكوا دماء بعضهم بعضا , فكانت مشيئته تعالى أن يستبدلهم بمن قبل حمل الأمانة(الإنسان) دون خلقه كلهم , وكانت الأمانة هي ( الدين ) أي الاستسلام طوعا لله لتنفيذ فرائضه المؤدية إلى عبادته " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات : 56].ومن الأسباب الحفاظ على ما أصلح الله في الأرض وما مهد لعيش الإنسان "وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ...[الأعراف : 56]
كيفية الاستخلاف :
الخلافة العباسية
|
الكيفية تم تحديدها لاحقا للعقد كتفصيل لشروط عقد الاستخلاف , والتفاصيل هي كل ما جاء في الوحي المنزل من الله مالك المُلك إلي
الخلفاء بالوراثة من بعد أبيهم آدم , ومعروف شرعا أن عرض الأمانة على
السماوات والأرض والجبال من قبل مالكها (الله) كان تخيير منه جل وعلا -
لعقلاء عالمين بجزاء التقصير في حفظها - وبما إنه لا يُخير غير العاقل
العالم في شأنه و لما يترتب على التخيير من تحمل للمسئولية أي القبول
بمبدأ الثواب والعقاب فثمة دلالة عل أن عرض
الأمانة على السماوات والأرض والجبال كان قبل خلق الإنسان و كان العرض
سابق على أكبر المخلوقات المتعلقة بالحياة, فلما امتنعن وأشفقن من ثقلها
وما يترتب علي عدم حفظها كان صاحب الأمانة جل وعلا رحيما فلم يجبر أي من
هذه المخلوقات كرها على حمل الأمانة, ولأنه (كان في علمه سبحانه أن الإنسان
سيقبل حمل الأمانة) شاء خلقه, وكان إخباره لملائكته بالمشيئة في خلق الإنسان وبأنه سيجعل في الأرض خليفة " وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً "
والجعل هو ما سيكون بعد الخلق , ومن بعد التخيير سيكون الاستخلاف , لان
الله تعالى لا يجزي مخلوق بقدرية تسييره له , بل يكون الجزاء نتاجا للتشريع
أي ( بالتخيير الشرعي القابل للقبول أو الرفض ) مثال : تخييرك بين طريقين
نهاية إحداهما إلى منزل آمن رغم وعورة الطريق , ونهاية الآخر إلى حفرة
سحيقة رغم رقة وجمال الطريق , فما اخترنه انتهيت إليه و التخيير فتنة و
ابتلاء فإما نجاة وفوز وأما ضلال وعقاب.
الخليفة والخلافة السياسية (الدينية) :-الخليفة هو
رئيس الدولة وزعيم الأمة الإسلامية، والمجتمع الإسلامي وتحكمه الشريعة.
وكثيرا ما يشار إليه أيضا أمير (أمير المؤمنين) وقد كان أول الخلفاء هم
الخلفاء الراشدون الأربعة (أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان،
وعلي بن أبي طالب)، وبعدهم الأمويين، العباسيين، الفاطميين، والعثمانيين،
وأحيانا، عن طريق المنافسة الأسر الحاكمة في الأندلس وشمال أفريقيا، ومصر.
وكان معظم حكام المسلمين من الأمراء أو السلاطين، يقدمون الولاء للخليفة،
وقد انتهت الخلافة منذ إعلان جمهورية تركيا إلغاء الخلافة العثمانية عام
1924، على الرغم من دعوة بعض الأفراد والجماعات لترميمها.
شروط الخلافة ومانحها :-
كان
الاستخلاف بذاته حمل للأمانة , وهذا أمر لا يطلبه إنسان طلبا وفي هذا قال
رسول الله " من يطلب الرياسة لا نؤتيه إياها) , فالجميع مُستخلف, وكل مؤمن
بالله هو خليفة له في ارضه , و لا يجوز أصلا طلب الخلافة من قبل أي إنسان
فالله وحده مالك هذا الحق, وهو وحده صاحب الحق فيمن يستخلف في الأرض قال
تعالى " يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ.." والله
وحده تعالى هو صاحب التشريع الأوحد لنظم الخلافة بدليل قوله "الَّذِينَ
إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا
الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ
عَاقِبَةُ الأمور وتلك هي شروط الخلافة ولا يجوز لمخلوق أن يضع أي تشريعات
أخرى دنيوية زيادة على ما في القرآن والحكمة المنزلة من السماء, ويصبح هو
صاحب العقد والتشريع ويجعل من الناس أتباع له في العبادة - وإن أدعى أنه هو
ومن يتبعه أنهم ( ربانيون ) كما يدعي اليهود وبعض أصحاب الجماعات الدينية
المعاصرة - فذلك من الافتراء على الله سبحانه لا ن الحق الظاهر أن الإنسان
هو عابد لله دون وسيط , وإلا لكانت عبادة الأوثان كوسيط كما كان يدعي
الوثنيون عبادة حق , فالإنسان المؤمن ( بتعريف القرآن) حامل للأمانة دون
حاجة ( لخليفة عليه يأتمر بأمره ويوجهه بشرائع وضعيه تسمى نظم داخليه
وقوانين حزبيه) لان كل إنسان بذاته خليفة في الأصل .
الخليفة هارون الرشيد
|
و
قول بعض المظللين إنما نقصد استخلاف رسول الله أو خلفاء رسول الله من بعده
في الحفاظ على دين الله فذلك من الافتراء المكشوف لان ذات الرسول ما أدعى
أنه خليفة ربه في الدين , فالله تعالى لم يستخلف أحد بعينه في دينه ولو كان
ذلك لتمكن هذا الخليفة من إضافة وحذف ما شاء من الوحي, فما أمر الله تعالى
بذلك أي من أنبياءه أو رسله أو ملك آتاه المُلك, وما قال سبحانه في
أنبياءه إلا" بأنك بشير ونذير" وما قال أي من الأنبياء غير قولهم للناس
"يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى
الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ [هود : 51] " ولم يدعي أي منهم أنه
خليفة الله في الدين "...الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه ...َ [الأنفال : 39] لان
الخلافة الأصل كانت في الأرض وشرطها الإسلام أي الاستسلام لله صاحب الأرض
ميرزا غلام احمد خليفة الاحمدية
|
وما
نجده من عظائم البدع قيام الجماعات والأحزاب التي تضع القوانين والنظم
والشروط باسم الدين لغاية قيام الخلافة فيه والعياذ بالله, ومن هؤلاء من
بنى الدول الخفية الباطنية واتخذ في شعار حزبه السيوف دلالة على تشريع سفك
الدماء عند الفعل لإظهار دولته ( فشرع في الدين ذاته مزكيا خلافته فيه دون
مشيئة صاحب الدين) , فكان شعاره هذا دلالة على حقه في سفك دماء بعض خلفاء
الله تعالى في أرضه من المؤمنين الموحدين لله أو غيرهم ممن لم يبايعوا
هؤلاء ( ومما شرع هؤلاء أن من ليس معنا فليس على حق ومن ليس على الحق كافر
والكافر غير معصوم الدم) وقد كان من سوء حظي اني سمعت من على منبر أحد
المساجد قول أحد هؤلاء الحزبيين يقول (من أدعى أن حركتنا الربانية قد ضعفت
بعد ما جرى لإخواننا في مصر فما يقول إلا كلاما كفري, ومن قال كلام كفري
فهو غير معصوم الدم عندنا) وأقسم على ما أدعيته هذا أنني سمعته في خطبة
جمعه بأحد مساجد غزه بفلسطين - .
المعلوم
من عقائد هؤلاء الناس وأفعالهم وممارساتهم المشهودة بان من ليس معهم أو
ليس منهم أو ليس نصير لهم فهو كافر غير معصوم الدم ,فبات كل مسلم ومؤمن
عُرضة لسفك دمه بفتوى تكفيره هذه ( الفتوى المستندة إلى قوانين وتشريعات
الجماعة على عكس تشريعات الله تعالى المانعة قتل الناس بسبب دين أو عقيدة -
إذ أن تشريع الله كائن في أنه لا إكراه في الدين -وليس من حق مخلوق تكفير
مخلوق آخر فذلك هو حق الله وحده سبحانه صاحب الدين الذي لم يستخلف فيه أحد
من مخلوقاته - وذلك ما استهجنه الملائكة عليهم السلام إذ قالوا :أتجعل فيها
من يفسد فيها وأي فساد بعد ذلك الفساد والعياذ بالله
إن
أصحاب الجماعات والأحزاب المسماة بالإسلامية ليضلوا عن سبيل الله في حقيقة
ما شرعوا , لئن سبيل الله هو ما وضعه ذاته من تشريعات , والضلال عن سبيل
الله يكون بالخضوع والمبايعة على السمع والطاعة لغير الله والرسول فالبيعة
على السمع والطاعة لأي إنسان - إمام أو شيخ أو مرشد أو أمير أو مؤسس جماعة
أو غيرهم - هو خروج عن البيعة الأصل لله ورسوله فلا بيعة لسواهما.
ولئلا نفسح المكان لاتهامنا بالكفر وهو أهون ما يرمون به المسلمين نستدل عليهم وعلى ما ندعيه بكتاب الله فقط إذ يقول رب الناس " كَمَا
أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا
وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم
مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ [البقرة : 151] بينما
تنص نظم هذه الجماعات بمجملها مهما اختلفت تشريعاتهم بضرورة مبايعة الإمام
, والاقتداء والتمسك بتشريعات الجماعة وعدم مخالفة تشريعات الجماعة والتي
أساسها السمع والطاعة وعدم عصيان الإمام في أي أمر أو عصيان أي من قيادات
الجماعة ( وإن كان فيها عصيان لله تعالى - وذلك من اللا منشور والمعلن
) ومن ذلك قول بعضهم مثلا : بعدم جواز إقامة صلاة الجمعة إلا خلف
الخليفة ( تعطيل فريضة إلهية بتشريع وضعي ) وقول غيرهم بعدم الجهاد إلا في
ظل الخليفة ( تعطيل فريضة إلهية بتشريع وضعي ) . وفي ذلك نقض لإرادة الله
واستلاب الرسالة من الرسول لصالح الخليفة المُدعى به, فيكون مثلا قول الله
تعالى ( فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ ) فيصير
هذا القول الرباني عند البيعة الحزبية باستبدال
كلمة رسولا بكلمة إماما فتصير الآية القرآنية ( فيكم إمام منكم ) ويكون قول
الله تعالى "يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا " محرفا - بشرط الالتزام بالنظام الحزبي فيصير النص " يتلو عليكم تشريعاتنا وأنظمتنا " ويبيت قول القرآن بان الله "يُزَكِّيكُمْ " عند هؤلاء بان الإمام هو من يزكيكم وينعم عليه بالرتب والمناصب, ويصير قول الله تعالى " وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَاب" بمعنى آخر لدى الجماعة أو الحزب فينقلب إلى " يعلمكم عقيدة الجماعة ومنهجها " ويصير قول الله تعالى "وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ " إلى قول الجماعة " ونعلمكم رؤيتنا مما لم تكنوا تعلمون...

الأحزاب
التي تسترت بالدين فأغوت العامة تحمل وزرها ووزر كل من تبعها, وكم تابع
جاهل بأمر دينه أغوته كلمات تبشير أو نذير ظن أنها من الدين فلا حول له في
تدبر ولا تمحيص , وكم من فقير أغواه بعض رزق ساقته إليه الجماعة - فبات
أسيرا مطيعا لكل قوانينها وتشريعاتها وعاشقا متيما بالجماعة يستميت للدفاع
عنها وهي لا يدري إنما هو يجمع الإثم تلو الإثم ويرتكب المعصية تلو المعصية
, حيث باتت الجماعة تحدد لأعضائها وأنصارها ما يخدم أهدافها بتحليل الحرام
وتحريم الحلال والعياذ بالله , فتدفع السفهاء من منتسبيها للإيغال في دماء
المسلمين باعتقادهم الجهاد , و يتبع عامتها خاصتها على ما شرعوا وضعيا ,
ويُهجر الجمع كتاب الله وسنة نبيه إلا ما كان استظهاره لصالح الحزب أو
الجماعة , والأصل أن شريعة الإسلام برمتها لم تأت على سنة إنشاء الجماعات
والأحزاب أصلا فكانت كلها بدعا خطيرة على الإسلام خطرا لا يأتيه عدو من
خارج الدين لان مثل هذا العدو مكشوف فلا يتعاظم أذاه أما من تستر بالدين
كجاسوس اخترق قياده جيش فدمر أركانها ويظن السفيه أنما هو بانيها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق